إخضرت حكاوي بلدتي ... بلد العجين وفواخير البر الشرقي ،وعلي إضاءة شوارعها بعد أذان المغرب حيث يتسربل الناس بخيوط النهار ، وتضع سماء البلدة - التي صنعها أهلها لها منذ الأسره الثلاثين - خفوتا يرمي ضلا علي عيون بيوتها ونواصيها ،حينها فقط تبدأ " اللمض الجاز " بوضع لمساتها الرومانتيكيه علي المجال المعلق حول السماء من أعلي البلدة حتي الأعماق ليهدأ الناس أمام بيوتهم رائقي البال..يغطيهم دفا أفران العجين المغموس برائحة القمح الذي عبأ البلده طوال النهار لتهدأ عليه روحي ليلا. ..وانت فقط تستطيع ان تصعد إلي قمم عاليه لتري بلدتنا بسمائها وجوها الرومانتيكي ..او حتي تصعد للفضاء لتراها من اعلي ...فبلدتنا علي ما تذكر الأسطوره هي " بلـــــــــــدة الإلــــــه"
في شارعنا لبيت جدي ...ويطلقون عليه " شارع البوابتين" حيث ناصيتين للشارع لكل واحده بوابه ..وتغلقا ليلا علي اهلها ... وحارتنا هي الحاره الثانيه لنفس الشارع..تشبه الحواري ف بلاد الشام ... حيث سلالم حجريه ف المدخل تهبط عن الارض امتار لتتوازي البيوت بشكل طفولي كما " الطابور "علي الجانبين وبينهم " زقاق"يحمل علي ارضه رسم الصبيه لألعابهم وخطوطهم بالطباشير ..وتنورات تلعب " الحجله " عليها ونساء يحملن اطفالهم ف جيوب تتدلي من بطونهم و تستطيع انت ان تتمدد وقت العصاري مغمض العينين لتسمع صوت حارتنا..فلحارتنا صوتا يميزها كما البحر..
وعلي ناصية شارعنا..يجلس - صانع الطبل والفخار - و هو يرص ف هرمه سطرا سطرا...ويدعونه " ستان" . وانا بالأعلي اتسربل ف عوجاتي علي صفحه كراستي " التسع أسطر" اكتب عوجه واخطف نظره فتنقطع الصفحه وينقطع نظيرتها من الضفه الاخري للكراس حتي تصير "غلافا يضم ورقتين" ... أما ستان بين يده عجينه لا تنفلت أبدا . .. يذكر.. انه تشتهر بلدتنا بصناعة الفخار منذ التاريخ..ولدينا أكثر من فاخوره ، وبينما تنخرط الفواخير بصناعة القلل والاواني قرر هو ان يداعب الصغار في طفولتهم فلم يصنع " قلل" او " اواني ".. فقط اختار" الطبل" واشياء اخري تسرق العين
علي الطريق الموصل لربطة عنقي السابعه..أري عيني مسحوبتين عند أطرافهم وقدماي تلتوي نبتتهم لأسفل مهروله لتلحق ب " صندلي" السائر ف ركبه - دائما رباطه مفكوك - بينما يجلس" سيد ستان" أمام هرمه المرصوص من أسفله لأعلاه كما لو ينز بين جوانبه بطوابق من الصمغ .. وعيونهم - الملفوعون علي الاصدار- تتابعه من الأكتاف حتي تندهم النداهه فيجيبوا ف ندهة اخري ... بينما كوني بكرية أمي ..فقدماي هي التي تلفعني فوق صندلي السائر دوما...وبإمكانها أن تتآمر معي فتتكعبل امامه او حتي تتسمر كما لو دقتها من اعلي رأسي للأرض..و عيني تتابعه من الخلف حتي يهبط الطريق عن رأسي ، فتعود مسحوبه ل " جيبة امي المنقوشه" لألعب لعبة " الدواير" معها .
( واحد اتنين سرجي مرجي ، انت حكيم ولا تمرجي ، أنا حكيم وبتاع صحه ، العيان أديله حقنه ، والفسكان أديله لقمه ، صلي عليك يا نبي ، ياللي بلادك بعيده ، فيها فاطمه وحميده ، حميده ولدت ولد ، سميته عبد الصمد ، خطفت راسه الحدايه........)
أدندن فجرا في طريقي لحصتي ..حيث الطريق مفرود علي جانبيه وعينان تطوي "العماص" في الجزء المنقرض منها تحت الجفن . و لا تري الطريق امامها وانما ترمي بنظرها علي الجوانب حيث " المصاطب ".. لتنعقد قدمي عليها صاعده ثم هابطه ثم صاعده ..سيرا.. في خطوط متوازيه..راكنه بكفي الطري المعجونه صوابعه بحركات الرقم " 8" والحرف " ش" علي الحيطان..خوفا من ااختراع يدعونه الفلكه وصوت امي يزعقني" امشي عدل"
في بيتنا ظهرا.. يدار التليفزيون علي " افلام ابيض واسود" حيث الراحه والهدوء تدخلا من " شراعة الباب " ويخرج منه صوت فؤاد المهندس وهو يقول عبارته الممطوطه" وبيدلعوني يقولولي يا ديسومبرررر" لتلقط أذني بمنقارها الطويل كلمته بموجتها الصوتيه ..ثم اهطل علي ذاكرتي وانزل لشارعنا ويسألني احدهم " اسمك ايه يا شاطره؟؟" فأضع يداي علي خصري ..رافعة بإحدي فخذي ع الاخر .. فيبدو جسمي علي شكل هندسي " منحني"..بينما الون وجهي بدلع البنات المرق واقوله " بيدلعوني يقولولي يا ديسومبرررررر" تخرج الضحكات تزين الشارع..وتطلي وجهي الدائره او كما تطلق عليه جدتي " الأورسه" باللون الاحمر